Wednesday, November 11, 2020

مخاوفنا ‏في ‏مقابل ‏المواجهة


تمتلىء حياتنا بالمخاوف التي تتباين تباينًا واسعًا من مخاوف يمكن التغلب عليها وتقنين أثارها إلي مخاوف لا يد لنا فى مواجهتها
وكما تلعب بيئتنا وموروثاتنا الاجتماعية والثقافية دوراً كبيراً في نوعية تلك المخاوف وكيفية السيطرة عليها
إلا أننا لا يمكن أن ننكر أن الخوف لا يزال ضرورة نفسية واجتماعية وحاجة أساسية في تطورنا الطبيعي ولا يمكن بأي حال من الأحوال محوه والتخلص منه نهائياً
لكن كذلك وضع الخوف فى إطاره الطبيعي هو حاجة أساسية للعيش بكفاءة وفعالية ومواجهة الحياة بصعوباتها ومنعطفاتها الكثيرة التي تتطلب قدراً كبيراً من المجابهة واتخاذ القرارت
وفي ظل مجتماعتنا وأسلوب عصرنا المتسم بالسرعة فى كل شىء ومايترتب على ذلك من مشكلات نفسية _لا نسلم منها جميعاً_ تزاداد حاجتنا لتعلم كيف نواجه مخاوفنا ووضعها فى حجمها المطلوب دون أن تعيقنا عن تقدمنا فى الحياة
ولا شك أن للخوف أنواع كثيرة تتدرج من المخاوف الطبيعية أثناء التعرض للكوارث إلى الخوف من مواقف بعينها كالتحدث أمام الآخرين أو عند اتخاذ قرارت مصيرية إلى الخوف من أبسط أفعال الحياة والذي قد يكون فى هذة الحالة مشكلة نفسية تتطلب مساعدة واستشارة من معالج نفسي
لكن الخوف غير المرضي والطبيعي فى حدوده المعقولة يمكن التعامل معه وتقليل أثاره وحجمه قبل أن يخرج عن سيطرتنا ويتطلب مساعدة علاجية فعلية
ومادام بإمكاننا أن نتوقى أضراره _والوقاية خير من العلاج_ وأن نستغل فوائده الصحية فى حياتنا فمن المهم أن نتخذ الخطوات التي تمكننا من ذلك ونكتسب عادات صحيحة تجعلنا نعيش بمنأى عن المشاكل النفسية وكذلك المضى فى الحياة قدماً بشجاعة وسلامة نفسية
علينا أولاً أن نحدد مخاوفنا بالكتابة_وهذة خطوة مهمة جدا سأتطرق إليها لاحقاً في فوائد الكتابة_ والحديث عنها مع ذواتنا والبحث عنها جيداً حتى تكون واضحة لدينا
وتصنيفها إلى مخاوف لا يمكن أن نتدخل فيها كالموت وحدوث الكوارث أو الابتلاءات ووكذلك إلى مخاوف يمكن التغلب عليها كالخوف من الفشل ومن التغيير أو اتخاذ قرارات حياتية أو يومية
هذة المخاوف التي لا دخل لنا بها ولا نستطيع توقعها أو منعها من الحدوث فالتسليم بالأقدار والإيمان والرضا بقضاء الله هي حلها الأمثل وعلاجها الناجع فى كل الأوقات وهذا قد يلقى مقاومة فى البداية لكن مع الممارسة وتقوية الإيمان والدعاء والأذكار تتقوى عضلة الرضا والتسليم ويصبح المرء مؤمناً مسلماً أمره إلى الله في كل حين..
أما تلك التي بإمكاننا التعامل معها كالخوف من الفشل فتكوين فلسفة خاصة بنا تجاه هذة المخاوف هو ضرورة حتمية للقدرة على المواجهة
فالخوف من الفشل في الحقيقة ما هو إلا صورة سطحية تعبر عن مخاوف دفينة كالخوف من النقد ونقص الحب الخارجي والاعتراف من الآخرين
والحقيقة أن هذا المخاوف يمكن التعامل معها ما دمنا فهمنا منابعها وتصحيحها عن طريق تغيير نظرتنا وصوتنا الداخلي
فالفشل ينبغي ألا ينقص من تقديرنا لذواتنا أو استحقاقنا لمحبة الآخرين لأن الفشل في حال حدوثه ليس إلا إضافة إيجابية لتجربتنا الإنسانية وليس وحشاً كما تفترضه مخاوفنا
كما أن تجاربنا تزيدنا خبرة وتمدنا بالمعلومات اللازمة والقدرات التي تمكننا من تجنب أسباب الفشل أو العقبات التي تعترضنا فى الطريق فتعيقنا عن تحديد أهدافنا وهذا لا يكون إلا بالمواجهة وذلك يقودنا للخطوة الثانية بعد تحديد المخاوف و افترض السيناريوهات الأسوأ وكيف تتصرف حينها وإن كان الخوف كبير لدرجة عدم تخيل السيناريوهات فلا تتوانى في إلحاح الفكرة والتقليب الأمور على أوجهها ووضع الاحتمالات للمواجهة..
ثم مباشرة واجه مخاوفك
وبذلك نكتسب مناعة تدريجيا تجاه ما نخاف منه ..
وقد يظهر لنا أن ما كنا نفترضه لم يكن يستحق كل هذا الخوف والممناعة_ وهذا غالبا ما سيحدث_
ومع المواجهة سنكون أكثر تبصراً بحقيقة مخاوفنا والعقبات التي تعترض طريقنا ومن المهم هنا أن ندون مشاعرنا تجاه مخاوفنا وأثناء الخطوات التي نتخذها للمواجهة
والتدوين فوائده لا تحصى فى التبصر بالنفس والوعي أكثر بأسباب الخوف وأوقات حدوثه والتفكير فى خطوات فعلية لمواجهته والأفضل أن تكون هذة الخطوات صغيرة وعملية وواقعية وكذلك مناسبة للوضع النفسي
فقد يتطلب خوفك في البداية أن تواجهه بخطوات صغيرة للغاية أو تمهيدية
لكن المهم ألا تتوانى عن الإلحاح وتشجيع نفسك مع كل خطوة مهما كانت بسيطة كجلسة قصيرة مع النفس يتذكر فيها المرء قدراته على المواجهة والتغلب على العقبات وأن طبيعة هذة الحياة هي التطوير الذاتي ومغالبة المشاق
وطبعاً بعد كل ذلك لا يمكن إغفال الرياضة والأكل الصحي والممارسات الصحية التي تعزز حالة الصفاء الذهني وتقلل من التوتر والضغط النفسي بالإضافة إلى الأنشطة الإجتماعية والحرص على أوقات راحة وترفيه نروح فيها عن أنفسنا
وبالممارسة والمواجهة وتغيير قناعتنا ونظرتنا للأمور قد نجد فى النهاية أن مخاوفنا القديمة ليست إلا أوهام كبرت فى رؤوسنا وليست أبداً كما افترضنا وتستحق المجهود الذي بذلنا كي نتحرر منها!

11/11/2020

No comments:

Post a Comment