إننا جميعاً لفي توق للسؤال الملّح المشبع بالاهتمام عنا وعن ذواتنا..
راغبين في السعي الحثيث نحونا، لنشعر أننا محور الكون، وأن عالمنا هو غاية أحدهم وأقصى آماله؛ إليه يشد الرحال، ومعه تبدأ الرحلات نحو سبر أغوار الحياة سوياً، متزودين بزاد الحب ومتخذين من التحام الكف بالكف واشتباك الأصابع درعاً واقياً ضد هجمات الزمن والأيام..
فالعالم لا يمكن فهمه ولا احتماله بسرعته الفائقة وتغيره المستمر إلا من خلال أرواح شفافة كمرايا نرى فيها أنفسنا، ولكنها في ذات الوقت تصقلنا، تقوم انكسارنا وما اعوج في رؤيتنا لأنفسنا..
فإن الإنسان مهما كان من أمر تطوره وتقدمه فكرياً ونفسياً لا يمكنه أن يكتمل ويكتفي بنفسه أبداً..
بل يحتاج لغيره، لقرب آخر منه يأخذ منه ويمنحه هو الآخر بدوره من وقته، وجهده، واهتمامه، وحبه، وعطفه..
يتواصلان معاً، ويتصلان بعاطفة قوية، وأحاديث دافئة تذيب جليد الروح يلتقي فيها مداريهما ويتفاهمان معاً حول أمور ويختلفان حول الأخرى،
يتناقشان حول أتفه الأمور كما أعمقها،
يدعمان بعضهما بالكلمة الحانية والإبتسامة المشجعة، ويلتقيان في نظرتهما فتغمرهما سعادة تطلق الضحكات المشرقة..
يتطلعان نحو عالم أكثر سلاماً وطمأنينة، ويرسمان عوالم من مخيلاتهما ربما لن يروها أبداً لكن في رسمها معاً متعة ربما لن يبلاغاها حقيقة، فالمتعة في المشاركة معاً والمعنى في الرفقة..
نحن البشر لا نستغنى أبداً عن حاجتنا للآخر.. وربما استغنائنا الوحيد هو عن فكرة أننا قد نستغنى يوماً عن تواصلنا ببعض ورفقتنا الصادقة.