Friday, June 5, 2020

تجوال

لي صديق حدثني ذات مرة عن كاتبه المفضل
هيرمان هسه،
ورشح لي عملاً من أعماله،
ولكني كالعادة_لسوء حظي غالباً_ ما أنغمس في قراءات أخرى غير التي أريدها..
حتى كانت قراءة الصديقة العزيزة للغاية علا باختياراتها المميزة والأنيقة :")
فقررت مشاركتها هذا التجوال واللقاء بهيرمان،
وكعادة كل اللقاءات الغير مسبقة التي يغلب سحرها ويَخْلِب! 

لقد بدأت هذا الكتاب بنفس ثقيلة، وروح مؤرقة ترزح تحت أنواء الاكتئاب مدة طويلة تحاول أن تتعايش معه فقط ولا تقو..
فإذا بتأملات رقيقة، وخواطر رقراقة تنتشلني من هذا البؤس وتلك الكآبة، وتُعيد لي برفق عين ترى الجمال في كل شىء، وتستشف المعاني من العالم وتمنحها أبعاداً روحية أصدق وأشهى..
حتى الحزن تَكسوه أثواباً شفيفة نرى من خلالها أنفسنا أوضح وأعمق، ونستقبل من خلاله رسائل هذا العالم بنفس أنقى..

"لقد أدركت للمرة الأول، أنه حتى في هذا الطريق الحبيب،
فإن الحزن ما هو إلا ظل غمامة فحسب،
ليس هذا الحزن سوى موسيقى ناعمة لمرور الزمن،
وبدونه لن يمسنا أي شىء جميل."

وحتى هذا الحزن الشاعري الجميل، ماهو إلا لحظة عابرة وستمر كسحابة صيف، ثم تشرق بعده من جديد بيقين شمس حاملة معها نسائم ستنعم بها الروح وتنتشى من جديد..

"وسيأتي يوم لن يبقى فيه شىء من كل تلك الأشياء التي شوهت حياتي، وملأتها بالحزن وأترعتني بالكرب مراراً..
سيأتي يوم بعد أن يصل الانهاك حده، يعم فيه السلام
لن تكون تلك خاتمة الأشياء، بل طريقة للولادة المتجددة للاغتسال والهجوع حيث القديم والذاوي يغرقان..
والفتيّ والجديد يشرعان في التنفس..
عندئذ وبأفكار مختلفة سوف أتمشى على طرقات كهذة،
مصغيا إلى الجداول، مسترقاً السمع إلى ما تقول السماء في المساء..
مراراً وتكراراً."

ممتنة لصديقي، وللعزيزة جداً علا، ولهذة القراءة والرؤية، والجمال الخالص، والأمل الممتد من رحابة نص هيسه إلى أعمق أعماق روحي :)

No comments:

Post a Comment